وداعا الى اللقاء
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
وداعا الى اللقاء
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمدلله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين .. سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ..
يظل الإنسان سائرا في غيِّه .. ماشيا في طريقه .. مسترسلا في غفلته .. حتى يصطدم بأول جدار من جدران حقيقة الدنيا .. نعم .. جدار صلب يصدم به .. يفيق على إثره من سكرته .. ويصحو من غفلته .. وأنّى له أن يبقى سائرا ..
نعم ..
هكذا كنت .. كحال ذلك الإنسان .. غارق في دنياي .. مسترسل في أحلامي .. كبرت وكبرت أحلامي .. وعرضت آمالي .. فتفاجأت .. بل صفعت .. بل صدمت مبكرا بالجدار .. صحوت على حقيقة الدنيا الزائفة !! .. مالذي حدث .. ؟؟
أختك ترقد في المستشفى للعلاج ..! مالذي حلَّ بها ؟؟ سرطان أصابها وهو في مراحله الأخيرة ؟؟ كيف ؟؟ ما السبب ؟؟ لماذا ؟؟ الآن ؟؟ .. هذا هو قضاء الله .. ! كيف قضاء الله ؟؟ يا أبي .. ما هذا ؟؟ عليك يا بني أن تؤمن بقضاء الله وتدعو لها بالشفاء ..
لم أبالي .. نعم .. ويا لقسوة قلبي .. ! لم أبالي فثقتي بالطب كبيرة !! فهو لم يترك مرضا إلا وأوجد له علاجا .. وسقما إلا وأوجد له دواءا .. ثم إنها ما زالت صغيرة .. ومن المستحيل أن يتركها الأطباء تعاني طويلا .. نعم .. ستشفى بإذن الله قبل أن أنهي إختباراتي .. !! يا لغفلتي .. يا لجهلي .. !! لكن أنّى للأحلام أن تستمر .. وأنّى للغفلة أن تبقى ! ..
دقَّ جوالي .. خير ان شاءالله .. إلحق وودع أختك في المستشفى ؟؟ استغربت .. ظننت أنها ستسافر للعلاج في الخارج ..ومما زاد استغرابي أنه أمر مفاجئ .. حولت وجهتي نحو المستشفى .. دخلت الغرفة ..ألقيت التحية .. يا الله .. أختى بحال غير طبيعية .. مددت يدي .. وإذا بها تقبلها !! لماذا ؟ لا أدري !.. النور يشع من وجهها .. العرق يتصبب من جبهتها .. الأنفاس تتقطع من رئتيها .. كمامة الأوكسجين تضايقها بشكل واضح .. لسانها يتمتم بكلمات توضح مرة وتخفى أخرى ..
أبي ينحني قليلا ويقول لها .. قولي الحمدلله .. فتقول : ال...حم..دلله ، قولي : لا اله إلا الله .. لا ... ال...ه ..إلا .. ال..له .. ، صرخت بغضب شديد : هل تفاول عليها يا أبتي !! فنظر إلي وابستم ابتسامة المشفق ..
ثم .. لا أدري ..الأمر تمَّ في لحظات .. خرج الجميع لبرهة .. بقيت أنا وأمي .. أمي تبكي .. أنا موجود لا أعرف مالذي يحدث .. أتحسس رأس حبيبتي .. أتفقد نبض يدها .. أقرأ عليها أتأمل لسانها الذي يتمتم بأشياء لم أفهمها بسبب وجود كمامة الأوكسجين .. وإذا برأسها يميل على الوسادة .. !!
سمية .. سمية .. سمية ... لا تجيب .. صرخت .. سمية ... سمية .. ولكنها أيضا لا تجيب .. دخل الجميع .. عرفت أنها قد ماتت .. ولكن لا أريد أن أقتنع .. مسكتها بقوة .. هززتها .. رفعتها أنزلتها .. في محاولة يائسة لرد الروح .. نعم .. نعم .. لرد الروح .. يا لضعف إيماني !! .. ولكنها سكنت .. ماذا يا دكتورة ؟ بكل بجاحة : ماتت .. قولي غيرها .. ماتت .. أبي يمسكني .. قل إنا لله وإنا إليه راجعون .. ولكن أنّى لضعيف الإيمان أن ينطقها في تلك اللحظة .. نعم .. والله لم أقوى على ذكرها ..
سألت أبي ؟؟ ماذا ؟ هل انتهى كل شيء ؟ هل انتهت الحياة والسعادة والفرح والسفر والمرض والمعاناة ؟؟ هكذا بكل بساطة ؟؟ كيف يا أبي يحدث هذا ولا يموت إلا المسنون ..كيف نفارقها ولا يتوفى إلا العجائز !! .. حاول الإجابة .. ولكن بم يجيب وقد فجع بفلذة كبده !! .. ذهبت إلى أمي ... أمي .. أين ذهبت أختي ؟؟ ولكن .. هي نفسها حائرة مثلنا ..
ذهبت حبيبتي .. رحلت مهجتي .. نعم .. دفنتها بيدي .. أنزلتها إلى القبر بساعدي .. أهلت التراب على أعز إنسان .. و أوفى صديق .. ما أقساها من لحظات .. دفنتها .. وأنا من كان ينومها .. ويهدهدها .. ويلاعبها .. ويلاطفها .. ويقسو عليها .. تارة .. ويحنو عليها أخرى .. سمعت صوتها المبحوح بأثر المرض يناديني .. هل ستتركني الليلة وحدي ؟! أنام هنا .. هل ستنام بعيدا عني .. ؟! هل سأنام هنا وحيدة بين التراب ؟! الجو بارد .. وليس لدي ما يغطيني .. الجو ماطر .. وليس لدي ما يحميني ؟؟ !! ...
رحلت مهجتي .. وماتت أرجوحة قلبي .. وتركتني وحيدا .. أقاسي ما أقاسي من ألم فراقها .. هل سأشعر يوما بلذة وهي بعيد عني ؟؟ هل سأهنأ بعيش وهي لا تشاركني ؟؟ هل سأبقى وحيدا دونها ؟؟
ذهب الذين أحبهم فعليك يا دنيا السلام
لا تذكرن العيش لي فالعيش بعدهم حرام
إني رضيع وصالهم والطفل يؤلمه الفطام
أختي .. حبيبتي .. لن أنساك .. وأقسم على ذلك .. ولتعلمي .. أن قبرك .. هو حديقتي ..ومتنزهي .. ومجلسي .. ولتعلمي أيضا .. أن عزائي الوحيد .. هو موتك على التوحيد .. وأملي بلقاءك في الفردوس الأعلى كبيـــر .. فلا تحزني على الفراق .. ولا تألمي على الوداع ..
انطفأت شعمة من شموع أسرتي الحبيبة .. وغدت ثماني بعد أن كانت تسع .. أسأله تعالى .. أن لا يفجعني بانطفاء أخرى .. قبل أن أنطفأ أنا .... اللهم آميــــــــــن .
المصدر: منتدى المعالي - من قسم: الـعـاصـمـة
الحمدلله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين .. سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ..
يظل الإنسان سائرا في غيِّه .. ماشيا في طريقه .. مسترسلا في غفلته .. حتى يصطدم بأول جدار من جدران حقيقة الدنيا .. نعم .. جدار صلب يصدم به .. يفيق على إثره من سكرته .. ويصحو من غفلته .. وأنّى له أن يبقى سائرا ..
نعم ..
هكذا كنت .. كحال ذلك الإنسان .. غارق في دنياي .. مسترسل في أحلامي .. كبرت وكبرت أحلامي .. وعرضت آمالي .. فتفاجأت .. بل صفعت .. بل صدمت مبكرا بالجدار .. صحوت على حقيقة الدنيا الزائفة !! .. مالذي حدث .. ؟؟
أختك ترقد في المستشفى للعلاج ..! مالذي حلَّ بها ؟؟ سرطان أصابها وهو في مراحله الأخيرة ؟؟ كيف ؟؟ ما السبب ؟؟ لماذا ؟؟ الآن ؟؟ .. هذا هو قضاء الله .. ! كيف قضاء الله ؟؟ يا أبي .. ما هذا ؟؟ عليك يا بني أن تؤمن بقضاء الله وتدعو لها بالشفاء ..
لم أبالي .. نعم .. ويا لقسوة قلبي .. ! لم أبالي فثقتي بالطب كبيرة !! فهو لم يترك مرضا إلا وأوجد له علاجا .. وسقما إلا وأوجد له دواءا .. ثم إنها ما زالت صغيرة .. ومن المستحيل أن يتركها الأطباء تعاني طويلا .. نعم .. ستشفى بإذن الله قبل أن أنهي إختباراتي .. !! يا لغفلتي .. يا لجهلي .. !! لكن أنّى للأحلام أن تستمر .. وأنّى للغفلة أن تبقى ! ..
دقَّ جوالي .. خير ان شاءالله .. إلحق وودع أختك في المستشفى ؟؟ استغربت .. ظننت أنها ستسافر للعلاج في الخارج ..ومما زاد استغرابي أنه أمر مفاجئ .. حولت وجهتي نحو المستشفى .. دخلت الغرفة ..ألقيت التحية .. يا الله .. أختى بحال غير طبيعية .. مددت يدي .. وإذا بها تقبلها !! لماذا ؟ لا أدري !.. النور يشع من وجهها .. العرق يتصبب من جبهتها .. الأنفاس تتقطع من رئتيها .. كمامة الأوكسجين تضايقها بشكل واضح .. لسانها يتمتم بكلمات توضح مرة وتخفى أخرى ..
أبي ينحني قليلا ويقول لها .. قولي الحمدلله .. فتقول : ال...حم..دلله ، قولي : لا اله إلا الله .. لا ... ال...ه ..إلا .. ال..له .. ، صرخت بغضب شديد : هل تفاول عليها يا أبتي !! فنظر إلي وابستم ابتسامة المشفق ..
ثم .. لا أدري ..الأمر تمَّ في لحظات .. خرج الجميع لبرهة .. بقيت أنا وأمي .. أمي تبكي .. أنا موجود لا أعرف مالذي يحدث .. أتحسس رأس حبيبتي .. أتفقد نبض يدها .. أقرأ عليها أتأمل لسانها الذي يتمتم بأشياء لم أفهمها بسبب وجود كمامة الأوكسجين .. وإذا برأسها يميل على الوسادة .. !!
سمية .. سمية .. سمية ... لا تجيب .. صرخت .. سمية ... سمية .. ولكنها أيضا لا تجيب .. دخل الجميع .. عرفت أنها قد ماتت .. ولكن لا أريد أن أقتنع .. مسكتها بقوة .. هززتها .. رفعتها أنزلتها .. في محاولة يائسة لرد الروح .. نعم .. نعم .. لرد الروح .. يا لضعف إيماني !! .. ولكنها سكنت .. ماذا يا دكتورة ؟ بكل بجاحة : ماتت .. قولي غيرها .. ماتت .. أبي يمسكني .. قل إنا لله وإنا إليه راجعون .. ولكن أنّى لضعيف الإيمان أن ينطقها في تلك اللحظة .. نعم .. والله لم أقوى على ذكرها ..
سألت أبي ؟؟ ماذا ؟ هل انتهى كل شيء ؟ هل انتهت الحياة والسعادة والفرح والسفر والمرض والمعاناة ؟؟ هكذا بكل بساطة ؟؟ كيف يا أبي يحدث هذا ولا يموت إلا المسنون ..كيف نفارقها ولا يتوفى إلا العجائز !! .. حاول الإجابة .. ولكن بم يجيب وقد فجع بفلذة كبده !! .. ذهبت إلى أمي ... أمي .. أين ذهبت أختي ؟؟ ولكن .. هي نفسها حائرة مثلنا ..
ذهبت حبيبتي .. رحلت مهجتي .. نعم .. دفنتها بيدي .. أنزلتها إلى القبر بساعدي .. أهلت التراب على أعز إنسان .. و أوفى صديق .. ما أقساها من لحظات .. دفنتها .. وأنا من كان ينومها .. ويهدهدها .. ويلاعبها .. ويلاطفها .. ويقسو عليها .. تارة .. ويحنو عليها أخرى .. سمعت صوتها المبحوح بأثر المرض يناديني .. هل ستتركني الليلة وحدي ؟! أنام هنا .. هل ستنام بعيدا عني .. ؟! هل سأنام هنا وحيدة بين التراب ؟! الجو بارد .. وليس لدي ما يغطيني .. الجو ماطر .. وليس لدي ما يحميني ؟؟ !! ...
رحلت مهجتي .. وماتت أرجوحة قلبي .. وتركتني وحيدا .. أقاسي ما أقاسي من ألم فراقها .. هل سأشعر يوما بلذة وهي بعيد عني ؟؟ هل سأهنأ بعيش وهي لا تشاركني ؟؟ هل سأبقى وحيدا دونها ؟؟
ذهب الذين أحبهم فعليك يا دنيا السلام
لا تذكرن العيش لي فالعيش بعدهم حرام
إني رضيع وصالهم والطفل يؤلمه الفطام
أختي .. حبيبتي .. لن أنساك .. وأقسم على ذلك .. ولتعلمي .. أن قبرك .. هو حديقتي ..ومتنزهي .. ومجلسي .. ولتعلمي أيضا .. أن عزائي الوحيد .. هو موتك على التوحيد .. وأملي بلقاءك في الفردوس الأعلى كبيـــر .. فلا تحزني على الفراق .. ولا تألمي على الوداع ..
انطفأت شعمة من شموع أسرتي الحبيبة .. وغدت ثماني بعد أن كانت تسع .. أسأله تعالى .. أن لا يفجعني بانطفاء أخرى .. قبل أن أنطفأ أنا .... اللهم آميــــــــــن .
المصدر: منتدى المعالي - من قسم: الـعـاصـمـة
رد: وداعا الى اللقاء
شكرا لك اخي موضوع را ئع
maghluoth_love- مشرف المنتديات الإسلامية
- قــائمة الأوسمـــــــــة :
الجنس :
البلد :
العمر : 30
المشاركات : 335
نقاط : 632
السٌّمعَة : 44
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى